اقتصاد وأعمال
31-12-2025 | 10:55
من تأخّر الزواج إلى الهجرة: عوامل تسرّع شيخوخة المجتمع اللبناني
حين يتراجع الإنجاب ويتقدّم العمر: لبنان أمام تحدّي الشيخوخة
(وكالات)عوامل تسرّع شيخوخة المجتمع اللبناني
تجاوزتُ الثلاثين، وبدأتُ أُعيد النظر في حياتي، في شيخوختي القادمة، وحتى في الأبناء الذين لم يُكتب لي أن أنجبهم بعد. هذا القلق لم يعد شعوراً فردياً، بل بات هاجساً يطرق أبواب جيل الألفية بأكمله. أين نقف اليوم؟ وماذا يخبّئ لنا المستقبل؟
تاهت هذه الأسئلة وسط ضغوط اجتماعية متزايدة مرتبطة بالزواج والإنجاب، وبالقدرة على تأمين حياة كريمة في الحاضر والمستقبل. وفي خضمّ هذا القلق، صدر تقرير حديث أشار إلى تراجع حاد في معدّل الخصوبة في لبنان خلال العقود الأخيرة، إذ انخفض من نحو 2.5 طفل لكل امرأة عام 2000 إلى 1.6 طفل في عام 2025، مع توقّعات باستمرار هذا الانحدار ليصل إلى نحو 1.24 طفل بحلول عام 2050.
قد تبدو هذه الأرقام محدودة للوهلة الأولى، إلا أنها، في ظلّ التحوّلات الاقتصادية والاجتماعية العميقة التي يشهدها لبنان، تنذر بتغيّرات بنيوية في المجتمع وتركيبته المستقبلية.
ولفهم أعمق لدلالات هذا التحوّل، توجّهنا إلى الإسكوا، حيث التقينا سارة سلمان، المسؤولة عن شؤون السكان، والتي أوضحت أن انخفاض معدّلات الخصوبة في لبنان هو نتيجة تضافر مجموعة من العوامل البنيوية. وأشارت إلى أن معدّل الخصوبة اليوم يبلغ نحو 2.1، وهو من أدنى المعدّلات في العالم العربي.
وشرحت أن من أبرز هذه العوامل; تأخّر سنّ الزواج نتيجة الأزمات الاقتصادية التي يواجهها الشباب، إلى جانب ارتفاع مستويات التعليم بين النساء وزيادة مشاركتهن في سوق العمل، فضلاً عن عوامل اجتماعية واقتصادية أخرى. ونتيجة لذلك، تراجعت معدّلات الخصوبة بشكل ملحوظ مقارنة بالسنوات السابقة، مع توقّعات أن تنخفض إلى نحو 1.9 بحلول عام 2050، أي دون معدّل الإحلال السكاني، ما يعني أن عدد السكان سيبدأ بالانخفاض الفعلي.
وأشارت إلى أن الهجرة تلعب دوراً محورياً في هذا التحوّل الديموغرافي، إذ إن معظم المهاجرين من لبنان هم من فئة الشباب، وقد بلغ عددهم خلال السنوات الأخيرة نحو 700 ألف شخص. وفي المقابل، تشهد البلاد عودة جزئية لكبار السن، خصوصاً من الدول التي لا تمنح الجنسية، إذ يفضّل بعض المهاجرين العودة إلى وطنهم بعد بلوغ سنّ التقاعد. هذا الواقع، بحسب سلمان، ينعكس مباشرة على التركيبة السكانية ويُسرّع من وتيرة الشيخوخة السكانية.
وعن المخاطر الديموغرافية والاجتماعية المحتملة، شدّدت على ضرورة مقاربة الشيخوخة السكانية ضمن سياقها الإيجابي، باعتبارها في جوهرها نتيجة للتنمية. فالدول التي تفتقر إلى التنمية غالباً ما تشهد معدّلات خصوبة مرتفعة ومتوسط عمر متدنياً، بينما يتميّز لبنان بارتفاع متوسط العمر المتوقع، وهو إنجاز تراكمي حقّقه المجتمع والدولة.
غير أن هذا التحوّل يتطلّب استعداداً مسبقاً، خصوصاً على مستوى البنية التحتية، والخدمات الصحية، والحماية الاجتماعية، وخدمات الرعاية المخصّصة لكبار السن. وأضافت أن انخفاض الخصوبة وتزايد الهجرة يؤدّيان إلى ارتفاع أعداد كبار السن الذين يعيشون بمفردهم، سواء بسبب هجرة أبنائهم أو غياب العائلة، ما يستدعي توفير خدمات متكاملة تضمن لهم العيش بكرامة.
وفي ما يتعلّق بالسياسات والتدخّلات الاجتماعية، أكّدت أن الهدف الأساسي لا يتمثّل في رفع معدّل الخصوبة بحدّ ذاته، بل في تأمين حياة كريمة ولائقة لكبار السن. ومن هذا المنطلق، حدّدت ثلاثة محاور أساسية: الأمن المالي والحماية الاجتماعية، من خلال تطوير أنظمة التقاعد والضمان الاجتماعي وتعزيز الاستقلال المالي؛ الرعاية الصحية، عبر توفير تأمين صحي شامل وخدمات متخصّصة بكبار السن بتكلفة مقبولة؛ والاندماج الاجتماعي، من خلال محاربة الوصمة وتوفير مساحات تتيح لكبار السن المشاركة الفاعلة في المجتمع.
وأضافت أن تغيير الصورة النمطية السائدة عن الشيخوخة يتطلّب جهداً إعلامياً وتربوياً قائماً على مقاربة حقوقية، تؤكّد أن حقوق الإنسان لا تنتهي مع التقدّم في العمر.
وفي ظلّ استمرار هذه التحوّلات، حذّرت سلمان من خطر ازدياد العزلة وغياب الرعاية، إضافة إلى قضايا العنف والإساءة والإهمال بحق كبار السن، ما يستدعي سياسات وقوانين وآليات حماية واضحة. وفي هذا السياق، أشارت إلى إطلاق وزارة الشؤون الاجتماعية استراتيجية وطنية لكبار السن وخطة تنفيذية لها، رغم التحدّيات التي يمرّ بها لبنان.
وحرصت على أن تؤكد ختاماً أن الشيخوخة مسؤولية جماعية، لا يمكن مقاربتها بفعالية من دون تضافر جهود الدولة والإعلام والقطاع الخاص والمجتمع المدني، لضمان مستقبل أكثر عدالة وكرامة للأجيال كافة.
تاهت هذه الأسئلة وسط ضغوط اجتماعية متزايدة مرتبطة بالزواج والإنجاب، وبالقدرة على تأمين حياة كريمة في الحاضر والمستقبل. وفي خضمّ هذا القلق، صدر تقرير حديث أشار إلى تراجع حاد في معدّل الخصوبة في لبنان خلال العقود الأخيرة، إذ انخفض من نحو 2.5 طفل لكل امرأة عام 2000 إلى 1.6 طفل في عام 2025، مع توقّعات باستمرار هذا الانحدار ليصل إلى نحو 1.24 طفل بحلول عام 2050.
قد تبدو هذه الأرقام محدودة للوهلة الأولى، إلا أنها، في ظلّ التحوّلات الاقتصادية والاجتماعية العميقة التي يشهدها لبنان، تنذر بتغيّرات بنيوية في المجتمع وتركيبته المستقبلية.
ولفهم أعمق لدلالات هذا التحوّل، توجّهنا إلى الإسكوا، حيث التقينا سارة سلمان، المسؤولة عن شؤون السكان، والتي أوضحت أن انخفاض معدّلات الخصوبة في لبنان هو نتيجة تضافر مجموعة من العوامل البنيوية. وأشارت إلى أن معدّل الخصوبة اليوم يبلغ نحو 2.1، وهو من أدنى المعدّلات في العالم العربي.
وشرحت أن من أبرز هذه العوامل; تأخّر سنّ الزواج نتيجة الأزمات الاقتصادية التي يواجهها الشباب، إلى جانب ارتفاع مستويات التعليم بين النساء وزيادة مشاركتهن في سوق العمل، فضلاً عن عوامل اجتماعية واقتصادية أخرى. ونتيجة لذلك، تراجعت معدّلات الخصوبة بشكل ملحوظ مقارنة بالسنوات السابقة، مع توقّعات أن تنخفض إلى نحو 1.9 بحلول عام 2050، أي دون معدّل الإحلال السكاني، ما يعني أن عدد السكان سيبدأ بالانخفاض الفعلي.
وأشارت إلى أن الهجرة تلعب دوراً محورياً في هذا التحوّل الديموغرافي، إذ إن معظم المهاجرين من لبنان هم من فئة الشباب، وقد بلغ عددهم خلال السنوات الأخيرة نحو 700 ألف شخص. وفي المقابل، تشهد البلاد عودة جزئية لكبار السن، خصوصاً من الدول التي لا تمنح الجنسية، إذ يفضّل بعض المهاجرين العودة إلى وطنهم بعد بلوغ سنّ التقاعد. هذا الواقع، بحسب سلمان، ينعكس مباشرة على التركيبة السكانية ويُسرّع من وتيرة الشيخوخة السكانية.
وعن المخاطر الديموغرافية والاجتماعية المحتملة، شدّدت على ضرورة مقاربة الشيخوخة السكانية ضمن سياقها الإيجابي، باعتبارها في جوهرها نتيجة للتنمية. فالدول التي تفتقر إلى التنمية غالباً ما تشهد معدّلات خصوبة مرتفعة ومتوسط عمر متدنياً، بينما يتميّز لبنان بارتفاع متوسط العمر المتوقع، وهو إنجاز تراكمي حقّقه المجتمع والدولة.
غير أن هذا التحوّل يتطلّب استعداداً مسبقاً، خصوصاً على مستوى البنية التحتية، والخدمات الصحية، والحماية الاجتماعية، وخدمات الرعاية المخصّصة لكبار السن. وأضافت أن انخفاض الخصوبة وتزايد الهجرة يؤدّيان إلى ارتفاع أعداد كبار السن الذين يعيشون بمفردهم، سواء بسبب هجرة أبنائهم أو غياب العائلة، ما يستدعي توفير خدمات متكاملة تضمن لهم العيش بكرامة.
وفي ما يتعلّق بالسياسات والتدخّلات الاجتماعية، أكّدت أن الهدف الأساسي لا يتمثّل في رفع معدّل الخصوبة بحدّ ذاته، بل في تأمين حياة كريمة ولائقة لكبار السن. ومن هذا المنطلق، حدّدت ثلاثة محاور أساسية: الأمن المالي والحماية الاجتماعية، من خلال تطوير أنظمة التقاعد والضمان الاجتماعي وتعزيز الاستقلال المالي؛ الرعاية الصحية، عبر توفير تأمين صحي شامل وخدمات متخصّصة بكبار السن بتكلفة مقبولة؛ والاندماج الاجتماعي، من خلال محاربة الوصمة وتوفير مساحات تتيح لكبار السن المشاركة الفاعلة في المجتمع.
وأضافت أن تغيير الصورة النمطية السائدة عن الشيخوخة يتطلّب جهداً إعلامياً وتربوياً قائماً على مقاربة حقوقية، تؤكّد أن حقوق الإنسان لا تنتهي مع التقدّم في العمر.
وفي ظلّ استمرار هذه التحوّلات، حذّرت سلمان من خطر ازدياد العزلة وغياب الرعاية، إضافة إلى قضايا العنف والإساءة والإهمال بحق كبار السن، ما يستدعي سياسات وقوانين وآليات حماية واضحة. وفي هذا السياق، أشارت إلى إطلاق وزارة الشؤون الاجتماعية استراتيجية وطنية لكبار السن وخطة تنفيذية لها، رغم التحدّيات التي يمرّ بها لبنان.
وحرصت على أن تؤكد ختاماً أن الشيخوخة مسؤولية جماعية، لا يمكن مقاربتها بفعالية من دون تضافر جهود الدولة والإعلام والقطاع الخاص والمجتمع المدني، لضمان مستقبل أكثر عدالة وكرامة للأجيال كافة.
العلامات الدالة
الأكثر قراءة
المشرق-العربي
12/30/2025 9:09:00 AM
العميد أحمد الدالاتي قائد أمن ريف دمشق تابع بشكل مباشر قضية حمزة
المشرق-العربي
12/30/2025 5:55:00 PM
إطلاق نار كثيف قرب قصر الشعب والمزّة 86 في دمشق، مع أنباء غير مؤكدة عن عملية اغتيال.
المشرق-العربي
12/30/2025 8:12:00 PM
شقيق أبو عبيدة يكشف تفاصيل عن اشتباك خاضه الناطق السابق باسم القسام في شمال غزة
المشرق-العربي
12/30/2025 11:15:00 PM
المرصد السوري يرد على نفي الرئاسة السورية لاطلاق نار في محيط قصر الشعب
نبض