تسريبات الأسد… سقوط الفلول وإهانة المحور!
د. عاصم عبد الرحمن
يقول المثل الشعبي اللبناني: "عظمه في القبر يجرح"، فبعد مرور أكثر من عام على مقتل المستشارة فوق العادة للرئيس المخلوع بشار الأسد، تعود أشباح لونا الشبل من جهنم لتثير الجدل من جديد، وتؤكد أحقية إصرار السوريين على ثورتهم طوال 14 عامًا، وتُسقط آخر ما تبقى من فتات مظلومية المتباكين على سقوط حكم الأسد إن استطاعوا إلى ذلك سبيلًا.
"يلعن أبو الغوطة، يدّعون الفقر ويسخون على زخرفة المساجد، بقدر ما أحب الجيش أقرف منهم، أخجل بسوريا وأشعر بالقرف منها، أريد تغيير اسم عائلتي إلى حيوان آخر...". عبارات يندى لها جبين الإنسانية والمنطق، إذ يصعب على عاقل أن يصدق صدورها عن رأس هرم دولة. كيف يخجل رئيس من بلد يحكمه؟ وكيف يقرف من شعب يتزعّمه؟ يلوم الناس على تعبدهم، ويشبّههم بالفراعنة الذين بنوا الأهرامات ليصلّوا عليها، ويهزأ من جيش أرغم معارضيه يومًا على تأليهه. يسخر من لهجة الطائفة التي حكم باسمها ستين عامًا، ويبلغ حدّ السخرية من اسم عائلة الأسد التي منحته سلطة تولّي رئاسة سوريا. وهنا يتوقف مراقبون عند رواية كونه ولدًا غير شرعي لحافظ الأسد، بالاستناد إلى الشبه الكبير بينه وبين رفيق سلاح والده في انقلاب البعث، صلاح جديد.
لم تكتفِ المستشارة، أو "السيدة الثانية" في سوريا الأسد، بنفث سمومها تجاه الشعب السوري، بل سخرت من حزب الله وأمينه العام الراحل حسن نصر الله، الذي سخّر معظم قوته العسكرية والبشرية لإنقاذ نظام مريض بجنون العظمة، ليدهس تضحيات لم تكن عند حسن اليقين؛ فخسر الحزب سوريا ولم يربح لبنان كما أراد.
الأسد والشبل اللذان لا يملكان من مروءة ملوك الغابة تجاه أبناء جلدتهم سوى أظافر سامة تفتك بمن حضر، لم يتوانيا عن الطعن بحليفٍ ما كان للنظام أن يصمد لولا تدخله الميليشيوي طوال 14 عامًا، فحتى النظام الإيراني، الذي قدّم دعمًا غير مسبوق عتادًا وعديدًا، لم يسلم من تلك الأظافر المسمومة التي لا تفقه سوى إخضاع مَن حولها بقوة السلطة وإرهابها.

أما الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي تصدّى لمحاولات معاقبته دوليًا طوال 14 عامًا، وأثار نقمة الشعوب العربية والإسلامية المؤيدة لحرية الشعب السوري، وأنفق المليارات في سبيل حماية نظام متهالك أخلاقيًا، فكان هو الآخر فريسة للسخرية من بشار ولونا، اللذين وصفاه بـ "المنفوخ" و"المجمَّل". ولذا يُطرح السؤال: إذا كانت نظرة بشار الأسد إلى شعبه وحلفائه ساخرةً ومتعالية، فإلى أي مدى بلغ حقده على خصومه؟
عامٌ على سقوط نظام بشار الأسد، ولا يزال مؤيدوه وبعض الأقليات يتباكون على رحيل "حامي التعددية والتنوع"، رافضين الاعتراف أو التعاون مع حكومة الرئيس أحمد الشرع. ليخرج عليهم الأسد اليوم بأقذر خطاب، أفقدهم ذرائع التمسك به؛ فحتى تقبيل يديه من جيشه وشعبه أثار اشمئزازه. فماذا عن قوله إنه يخجل بسوريا ويقرف منها؟
نبض